الحالة المزاجية للشخص تتأثر بالأفكار الموجودة في عقله وكذلك في المعتقدات التي يخزنها في العقل الباطن فصحة الفرد النفسية تتعلق بحالته المزاجية وهي مهمة أيضًا بقدر أهمية صحته الجسدية، فبمجرد الشعور بالتفاؤل يجد الفرد الحياة سعيدة ومزهرة، على العكس إن كان متشائمًا. فإنه يجد المشاكل تتصدر والوضع مزري وهو ما يضر بالفرد وبصحة النفسية. فدعونا نتحدث عن التفاؤل والتشاؤم وتأثيره على الفرد.

ما هو مفهوم التفاؤل في الحياة؟

ويعرف التفاؤل بأنه الموقف الذي يتميز بالثقة والأمل في النجاح والنظر إلى المستقبل بشكل إيجابي. فهو ليس مفهوم من نظر الفرد بل يتفوق على شعور السعادة والرضا، إذ أنه يتعلق برؤيتنا لكافة الأحداث والتعامل مع كافة التحديات والصعوبات.
وقد أشارت إحدى الدراسات التي تناولت تأثير مشاعر التفاؤل وفوائده وتأثيره على الأشخاص وتعاملهم مع الحياة وتحدياتها، أنه توقع إيجابي للنتائج. ويمكن أن يكون المحفز الأساسي للحالة المزاجية الجيدة وله دور في الحفاظ على الصحة النفسية والجسدية.

علامات التفاؤل على الفرد

يميل الأشخاص المتفائلون إلى رؤية الصعوبات التي تواجههم في الحياة على أنها تجارب تعليمية أو حتى كصورة من صور الانتكاسات المؤقتة.
كما أنهم يميلون لتفسير المشاكل والأزمات التي تواجههم على أنها فرص للتعلم وللنضج والنمو بدلاً من التركيز عليها بشكل سلبي. فيسهم هذا في زيادة تجاربهم الشخصية و تطورهم.
كما أنهم يتوقعون دائمًا نتائج إيجابية برغم المواقف الصعبة والتحديات التى يمرون بها. وهذا لا يعني أنهم يتجاهلون الواقع، بل ينظرون إليه بنظرتهم الخاصة لكي يتغلبوا على العقبات والصعوبات.
وبالإضافة إلى المرونة العاطفية لديهم والتي تساعدهم على التعافي بشكل سريع من الإحباط والإخفاق، فيرون التجارب والفشل فيها جزء طبيعي من الحياة ولا يسمحون لها بتقليص ثقتهم بأنفسهم.

تأثير التفاؤل على الفرد

التفاؤل مفيد جدًا للفرد فهو يؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية، فالمتفائل ونظرته الإيجابية للأشياء وللعالم تختلف وتفيده نفسيًا، بجانب أنها تفيد من حوله.

1- تقليل القلق والإجهاد

المتفائل دائمًا ما يمكنه التعامل مع الأزمات والمواقف الصعبة بشكل فعال، وذلك يعود إلى مرونته في تقليل مستويات الإجهاد والقلق، فيتحول تركيزه إلى الجوانب الإيجابية فبالتالي يتخلص بشكل كامل من التوتر النفسي.

2- الشعور بالرضا

كما أن المتفائل دائمًا ما يشعر بالرضا والسعادة في حياته، لأنه يقدر الحياة بشكلها الصحيح. فبمجرد حصوله على نجاح بسيط يسعد ويشعر بالرضا.
وأوضحت الدراسات، أن المتفائل يميل إلى تقييم حالته الصحية بشكل أفضل، بجانب الرضا الكامل عن حياته وظروفه ويستطيع التكيف مع الظروف الصعبة بكل سهولة.

3- تحسين الصحة الجسدية

غالبًا ما تجد المتفائلون لديهم بنيان جسدي قوي أو يتمتعون بالصحة الجسدية الجيدة بعكس المتشائمون، وذلك لأن التفاؤل يؤثر بشكل مباشر على الصحة الجسدية.
ويقلل من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة. وبينت الدراسات أن المتفائلين دائمًا أكثر حفاظًا على صحة بدنية سليمة بنسبة 50٪ مقارنة بالأشخاص المتشائمين.

4- تحسين العلاقات

المتفائلون يمتلكون علاقات اجتماعية جيدة وقوية مع الجميع وتربطهم روابط شديدة بمن يحيطون بهم. وذلك لأن صحتهم النفسية ذات عامل مهم جدًا توفر لهم الدعم والتشجيع على متابعة الطريق والوصول إلى النجاح.

5- تحقيق النجاحات

من الطبيعي أن الذي ينظر إلى الحياة بالنظرة الإيجابية وبعين التفاؤل يحقق الكثير من الإنجازات ويصل إلى النجاحات. فالصحة النفسية تنعكس على الحياة المهنية وتزيده من الدوافع والإصرار.
وتساعد في تنمية الخطط والتفكير خارج الصندوق لتحقيق الهدف والإبتكار والإبداع في النجاح .

ما هو التشاؤم؟
يُعرف التشاؤم بأنه ميل الشخص إلى توقع أو توهّم حدوث أمور سلبية أو مكروهة في مختلف المواقف، سواء استنادًا إلى تجارب سابقة أو مجرد ظنون. وهذا الشعور يدفع الفرد إلى التركيز على الجوانب السلبية وتوقع الأسوأ في جميع جوانب حياته.

علامات التشاؤم

للشخص المتشائم العديد من العلامات الظاهرة والتي تتضح حول تصرفاته ونظرته وتفكيره وتخطيطه وتفسيره للأحداث في الحياة.
– تجد الشخص الذي يعاني من التشاؤم دائماً له نظرة سلبية للأمور. وإن وجد الأمور تسير ويحقق نجاح بدون صعوبة يندهش بشكل شديد وقد يراجع نفسه.
– لا يشعر المتشائم بالرغبة في ملاحقة وتحقيق أهدافه وما يريد، لأن لديه اعتقاد بأنه سيفشل في كل الأحوال وفق نظرته السلبية للأشياء وللحقائق.
– دائم التركيز على الأمور التي يعتقد أنها ستسبب عرقلة له في طريقة ودائمًا يرى المخاطر قريبة منه. وأن الصعوبات ستصعب من نجاحه ولن يكمل طريقة.
– نجد أنه دائم النظر للعيوب وليس للميزات، بل تجده دائم التركيز على الكوب نفسه.
– الشعور بالإنزعاج إذا وجد متفائل عكس طباع تفكيره.
– يستغرق في وقت طويل مع الشخص الذي أمامه في الأحاديث السلبية.

مخاطر التشاؤم وآثاره

كثرة التفكير السلبي
يميل الشخص المتشائم إلى كثرة التفكير في الأمور السلبية، مما يجعله عرضة للقلق والاكتئاب. وهذه الحالة تُعرف بفرط التفكير. وتعتبر النساء أكثر عرضة لهذه المشكلة، حيث تشير الدراسات إلى أنهن يصبن بالاكتئاب بمعدل أعلى بسبب التفكير الزائد والانشغال المستمر بالمواقف والأفكار السلبية.

الاكتئاب والتوتر والقلق
الشخص المتشائم غالبًا ما يمتلك تفسيرات سلبية وسيناريوهات سيئة لكل موقف يمر به، مما يؤثر على حالته المزاجية ويجعلها سيئة باستمرار، ويعود ذلك إلى صعوبة تجاوزه للمواقف بسرعة. ينشغل الفرد بشكل مستمر بالتفكير السلبي في الماضي والحاضر والمستقبل، مما يزيد من مستويات القلق والاكتئاب لديه بشكل ملحوظ.

لديه ضغوط أكبر ومهارات أقل

الشخص المتشائم يظهر عليه باستمرار علامات الضغوط، وترتفع لديه مستويات التوتر والقلق. يميل الفرد إلى التركيز على الجوانب السلبية حتى لو كانت الإيجابيات تفوقها، وبالنسبة له، الجزء السلبي هو الأكثر وضوحًا وتأثيرًا في حياته، لذا تجده منشغلًا بالظروف الصعبة واحتمالات الفشل، حتى وإن كانت هذه الاحتمالات ضئيلة.

أثار التشاؤم على الفرد

تحدثنا عن المخاطر النفسية وبقى أن نذكر المخاطر الجسدية. وهو ما يتعرض له الجسم من الداخل والخارج من أضرار نتيجة التشاؤم ونتائجه.

تدمير خلايا المخ

حتى أكثر الناس تفاؤلاً لن يتوقع التأثيرات السلبية التي يمكن أن يصل إليها عقل الشخص المتشائم. تبدأ الأضرار بالتأثير على الصحة الجسدية، وتحديدًا بقتل الخلايا الدماغية، فمع ازدياد التشاؤم، يفرز المخ هرمون الكورتيزول المسؤول عن التوتر بشكل مفرط، مما يؤدي إلى تقلص حجم الدماغ.
ووفقًا للدراسات، فإن هذا الإجهاد يؤدي إلى تدمير الخلايا العصبية الجديدة في منطقة الحُصين. وهي المنطقة المسؤولة عن الذاكرة والتعلم والعواطف، مما يضر بقدرة الفرد على التعلم ويزيد من التحديات العاطفية.

زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب

يمكن أن يؤدي التشاؤم إلى أمراض القلب، وقد يصل تأثيره إلى الوفاة. ووفقًا لدراسة أُجريت في عام 2016، تبيَّن أن الأشخاص الذين يعانون من القلق المستمر، والتوتر، أو الاكتئاب المزمن هم الأكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب. شملت الدراسة أكثر من 2200 رجل وامرأة تتراوح أعمارهم بين 50 و80 عامًا. ووجدت أن المتشائمين منهم يعانون من ارتفاع ضغط الدم وزيادة مستويات الكوليسترول، إلى جانب تأثيرات صحية وسلوكية أخرى تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب.

وفي الختام، يعيش الأشخاص المتفائلون حياتهم بسعادة أكبر. إذ تختلف نظرتهم للأمور، فيرون الحياة مشرقة ومليئة بالفرص، وأما المتشائمون، فيكونون أكثر عرضة للأمراض المزمنة والخطيرة، مما يجعل الحياة في أعينهم وفي واقعهم أكثر قتامة نتيجة نظرتهم السلبية وتأثيرها على صحتهم. لذلك يجب دائماً توخي الحظر فيما نشعر به لتأثيره على صحتنا النفسية.

المصادر: 1 2