نعلم جميعًا أن العمل بأي شكل من الأشكال، متضمنًا العمل عن بعد، له تأثير كبير على الرفاهية النفسية للموظفين إما للأفضل أو للأسوأ في مختلف بيئات العمل، إذ يمكن أن تؤدي بيئة العمل السلبية والقاسية إلى عدد من مشاكل الصحة البدنية والنفسية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق والإجهاد المزمن، لذا يمكن للمنظمات ومسؤولي العمل القيام ببعض الإجراءات التي يمكن أن تخفف من العبء للحفاظ على صحة نفسية متوازنة للموظفين.

ما هي الرفاهية النفسية للموظفين؟

تُستخدم عبارة الرفاهية النفسية للموظفين لوصف الصحة النفسية للموظف وأدائه العام ضمن بيئة أو مكان العمل، وتصف إحدى الدراسات  الصحة والرفاه النفسي بأنه مزيج من الشعور الجيد والعمل بفعالية وكفاءة.

مع ذلك فإن غياب الضيق لا يشير بالضرورة إلى أن الموظف يتمتع برفاهية نفسية عالية؛ إذ تتعلق الرفاهية النفسية العالية للموظفين بالشعور بالسعادة والقيام بعمل جيد، إذ يشعر الأشخاص الذين يتمتعون برفاهية نفسية عالية بالقدرة على العمل والإنجاز والسعادة والدعم الجيد والرضا عن الحياة.

ترتبط رفاهية الموظف بجميع جوانب الحياة العملية مثل: نوع وظيفة الموظف، والعلاقات مع زملائه، والتوقعات في العمل، وثقافة العمل، لذا يمكن للمؤسسات اليوم تقديم الدعم للحفاظ على صحة نفسية وجسدية للموظف ولتحقيق النجاح والسعادة على المدى الطويل.

لماذا يعتبر الرفاه النفسي هام لدى الموظفين؟

يعتبر الرفاه النفسي هامًا؛ لأن الموظفين الذين يتمتعون بصحة نفسية جيدة يمكن أن يعيشوا حياة مهنية أكثر استقرارًا، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للرفاه النفسي في بيئة العمل أن يقلل المشاكل الاجتماعية ويعمل على تحسين العلاقات الاجتماعية والتواصل الفعال مع الآخرين، وتعزيز السلوك الاجتماعي الإيجابي.

كما يساعد الرفاه النفسي الجيد للموظفين في منع الإجهاد، وتخفيف عدد كبير من الاضطرابات النفسية التي يمكن أن تنتج عن الضغط الكبير في العمل، بما في ذلك ما يلي:

• الانسحاب والعزلة.
• عدم القدرة على التواصل الفعال.
• تغير الشخصية.
• التوتر والقلق.
• صعوبة في التركيز وتذكر التفاصيل.
• صعوبة تنظيم الأفكار والمهام.
• اضطرابات في النوم.
• الإصابة بمشاكل جسدية كاضطرابات في الجهاز الهضمي.

كيف يمكن للمنظمات تطبيق الرفاهية النفسية للموظفين؟

أصبحت العديد من الشركات والمنظمات اليوم تركز على قضايا الرفاه النفسي للموظفين، وقد توسعت رفاهية الموظف للتركيز على بناء ثقافة الرفاهية الشاملة بما في ذلك الرفاهية الجسدية والنفسية والمهنية والمالية، ويكمن جوهر هذا في الحاجة المتزايدة إلى المرونة فيما يتعلق بأين ومتى وكيف يعمل الموظفون.

إن الاهتمام بهذا الجانب سينعكس مباشرة على تقدم ونجاح الشركات على المدى البعيد، إذ أن بعض المؤسسات أصبحت تقدم مزايا موسعة مثل: جلسات المشورة النفسية المجانية، أو تدريب القادة وصناع القرار في المؤسسات على القيادة المتوازنة، وفيما يلي بعض الركائز التي ينبغي على المنظمات أخذها في عين الاعتبار لتحقيق الرفاهية النفسية للموظفين:

الركيزة الأولى: تحقيق الرفاه الجسدي

تشمل الرفاهية الجسدية العديد من الجوانب، بما في ذلك التمرين والنوم ونمط الحياة العام وخيارات الطعام الصحي، لذا على الشركات التي تتطلع إلى مستقبلٍ ناجح أن تركز على إيصال أهمية العادات اليومية الصحية لتعزيز الرفاهية الجسدية للموظف، إذ يمكن للشركات أن تؤكد على مجموعة من العادات لتحسين الرفاهية الجسدية للفرد كالحد من الوقوف لساعات طويلة، وتحديد موعد بدء وانتهاء العمل بحيث تضمن للموظف الحصول على ساعات نوم كافية، ويتبع ذلك تحديد مواعيد للاستراحات حتى يتمكن الموظفون من القيام ببعض التمرينات الرياضية أو تناول الطعام في الوقت المخصص.

الركيزة الثانية: تحقيق الرفاهية المهنية

 نتيجة ضغط العمل يمكن أن يخطط الموظف للبحث عن وظيفة جديدة، ما يدفع إلى هجرة المواهب والبحث عن فرصة أفضل، لذا لتحقيق التوازن بين العمل والحياة يمكن للمنظمات اتباع سياسات للاحتفاظ بالعاملين، وتشمل زيادة الأجر، وبرامج التدريب والتطوير، وإعطاء مكافآت وامتيازات لمساعدة الموظفين على التعامل مع الضغوط الهائلة، والذي يساعد في الحفاظ على استقرار الصحة النفسية لهم.

الركيزة الثالثة: تحقيق الرفاه المالي

يمكن أن تكون الموارد المالية هي السبب الرئيسي لإجهاد الموظفين نفسيًا، وعندها سيكونون أكثر عرضة للبحث عن فرص عمل جديدة، لذا يتمثل تحقيق الرفاهية النفسية للموظفين في تقديم أجور تتناسب مع عدد ساعات العمل والمنصب الوظيفي وضغط العمل، بالإضافة إلى ذلك على الشركات أن تضع في اعتبارها أن يتمكن الموظفون من الادخار من الرواتب للحالات والأحداث الطارئة حتى لا يقع الموظفون في أزمات غير متوقعة، كما يجب على الشركات توفير مستشارين ماليين لمساعدة الموظفين على إدارة مدخراتهم والسيطرة على الأزمات المالية التي تواجههم بأفضل طريقة ممكنة.

الركيزة الرابعة: تحقيق الرفاه الاجتماعي

إن وجود صداقات حقيقة في حياتك الشخصية والعملية هو أحد العوامل الرئيسية التي تنبئ بالسعادة على المدى الطويل، إذ يمكن أن يساعد بناء مجتمعات قوية في مكان العمل على الشعور بالنشاط والإنجاز؛ لذلك على المنظمات أن تعمل على وضع خطط لمساعدة الموظفين في بناء علاقات اجتماعية متماسكة في بيئة العمل وخاصةً للموظفين الجدد الذين قد يشعرون بالوحدة والضياع في مكان العمل.

الركيزة الخامسة: تحقيق أهداف الموظف

إن عيش حياة ذات معنى وهدف أمر أساسي لتحسين الصحة النفسية، أما عيش حياة تفتقر إلى الهدف يمكن أن يولد اضطرابات نفسية عديدة وأبرزها الاكتئاب، لذا على المنظمات أن تعمل على توافق قيمها ومعايرها مع قيم موظفيها، وأن تتطابق أهدافها مع أهداف موظفيها، وأن ينظر أرباب العمل في صراعات الحياة إلى موظفيهم لدعمهم في جميع جوانب حياتهم الشخصية والعملية.

الركيزة السادسة: ضرورة تقديم دعم نفسي

تساعد الصحة النفسية الجيدة على تحسين الأداء العملي للموظفين، وتزيد من إنتاجيتهم وإبداعهم وتركيزهم في العمل، لذا يمكن تقديم الدعم النفسي للموظفين من خلال جلسات توعية بأهمية الصحة النفسية، أو من خلال إرشاد الموظفين إلى ضرورة تحميل تطبيقات تقنية متخصصة في مجال الصحة النفسية والتي تهدف إلى توفير الدعم النفسي والصحي، وتساعدهم على التعامل مع المشاكل النفسية المختلفة، ليتمكنوا بذلك من التعامل مع مشكلات وأحداث الحياة المهنية بشكل أفضل والاستمتاع بالحياة بشكل أكبر.

إنّ الرفاهية النفسية للموظفين معيار مهم لنجاح المنظمات والشركات، ومن هذا المنطلق، تهدف لبيه إلى مساعدة الموظفين في مواجهة القلق والتوتر والسيطرة على الضغط النفسي والجسدي؛ نتيجة ضغط العمل، والتخلص من اضطرابات النوم عبر آليات معينة تحت إشراف خبراء متخصصين؛ لينعم الموظف بصحة نفسية متوازنة وسليمة، حمل تطبيق نفس. 

المراجع

[1] The Future Of Work Is Employee Well-Being, www.forbes.com, retrieved Aug 4, 2021.

[2] The Value of a Psychologically Healthy Workplace, www.verywellmind.com, retrieved May 23, 2022.