إن فهم الطبيعة الخاصة بتفكيرنا وسلوكنا وكيف نتفاعل مع الآخرين هي أمر مهم، وخاصةً عندما نتحدث عن الشخصية النرجسية، والتي تتميز بالتركيز المفرط على الذات، والغرور المفرط بالنفس، والاهتمام الشديد بالمظاهر الخارجية. 

في هذا المقال، سنبين لك ما إذا كانت شخصيتك تنطبق على سمات الشخصية النرجسية أم لا، وذلك عن طريق استكشاف الأنماط والعلامات الدالة على الشخصية النرجسية حتى تتمكن فيما بعد من علاج الأمر والتخلص من هذه السمات السلبية.

ما هو تعريف الشخصية النرجسية وما أسبابها؟

تُعرّف النرجسية بأنها نوع من الاضطرابات النفسية التي تتعلق بالشخصية، وتتميز بالشعور بالعظمة، والحاجة المستمرة للإعجاب، والافتقار إلى التعاطف مع الآخرين، إذ تتميز الشخصية النرجسية بما يلي:

1. شعور عظيم بأهمية الذات، والانشغال بأوهام النجاح أو القوة، أو الذكاء، أو الجمال. 
2. الاعتقاد بالتميز والتفرد.
3. الحاجة إلى الإعجاب الزائد.
4. شعور مبالغ بالاستحقاق.
5. السلوك الاستغلالي للأشخاص.
6. ضعف التعاطف مع الآخرين.
7. إظهار السلوكيات أو المواقف المتغطرسة.

لا يوجد سبب محدد للشخصية النرجسية، ولكن هناك مجموعة من الأسباب التي يمكن أن تساهم في تطور النرجسية؛ فمعرفة الأسباب يمكن أن تحدد الجذور الأصلية لتطور الشخصية النرجسية لتتمكن لاحقًا من علاجها، ومن هذه الأسباب ما يلي:

العوامل الوراثية

قد تؤثر العوامل الوراثية في تطور الشخصية النرجسية، أي قد يكون لدى بعض الأشخاص ميل وراثي من آبائهم أو أمهاتهم للتفاخر والثقة الزائدة في الذات، إذ بينت a study (Song H et al., 2014) أجريت عام 2014 شملت 304 زوج من التوائم، أن بعض سمات اضطراب الشخصية النرجسية كانت وراثية بالفعل.

التربية غير السليمة

يمكن للتربية غير السليمة أن تكون أحد أبرز الأسباب، إذ يمكن أن يكون لتجارب الطفولة والتربية الأسرية غير السليمة تأثير كبير على تطور الشخصية النرجسية، على سبيل المثال: عندما يتعرض الطفل لإهمال من الوالدين في سن مبكرة، قد يتطور لديه شعور بعدم الأهمية ويسعى للحصول على الثناء والاعتراف الذاتي عندما يكبر.

  أشارت نتائج a study (McLean, 2007) أن اضطراب الشخصية النرجسية هو نتيجة لعدم تعاطف الوالدين أثناء فترة نمو الطفل، وبالتالي لا يمكن للشخص أن يطور القدرة الكافية لتحقيق احترام وتقدير ذاته.

البيئة الاجتماعية

 إذ تلعب البيئة الاجتماعية دورًا في تطور الشخصية النرجسية، على سبيل المثال: المجتمعات التي تشجع على التنافس الشديد وتمجد النجاح الشخصي قد تشجع على تطوير الشخصية النرجسية، فقد أشارت نتائج a study (Roepke S et al., 2018) إلى أن درجات النرجسية كانت أعلى في الثقافات الفردية (التي تركز أكثر على حقوق كل شخص وأهدافه) مقارنة بالثقافات الجماعية (التي تركز أكثر على ما هو أفضل للجماعة ككل).

ما هي سمات الشخصية النرجسية؟

حتى تتمكن من تحديد ما إذا كنت شخصية نرجسية إليك أكثر سمات الشخصية النرجسية شيوعًا، ويجب أن تتذكر أن هذه السمات قد لا تكون موجودة بشكل كامل عند جميع الأشخاص النرجسيين، ولكن في كلتا الحالتين فإن سمات الشخصية النرجسية قد تؤثر سلبًا على التفاعلات والعلاقات الاجتماعية المحيطة بك.

إليك بعض هذه السمات الشائعة:

• التكبر: هو سمة مميزة للشخصية النرجسية، ويتعلق بالشعور المفرط بالغرور والاعتقاد بالتفوق على الآخرين، إذ يؤمن الشخص النرجسي أنه فريد ومتفوق وأنه يستحق التميز والاحترام والتقدير، كما يعتقد الشخص النرجسي أنه يمتلك مهارات وقدرات لا تضاهى، وبالمقابل يتوقع أن يتلقى اعترافًا وتقديرًا لمكانته، إذ يعتبر نفسه أهم شخص في محيطه ويفرض نفسه، سواءً كان ذلك من خلال الحديث عن إنجازاته الشخصية أو المهنية.
• الانغماس في الذات: إن التركيز الشديد على الذات، هي سمة من سمات الشخصية النرجسية، إذ يعتبر الشخص النرجسي نفسه المحور الرئيسي في بيئته، ويولي اهتمامًا كبيرًا لاحتياجاته ورغباته الشخصية متجاهلًا احتياجات ومشاعر الآخرين، فالشخص النرجسي ينظر إلى العالم من منظوره الخاص، فيروج لنفسه ويعتبر نفسه الأهم والأفضل في كل الجوانب، ويسعى لتحقيق مصالحه الشخصية دون الاهتمام بالآخرين.
• التشديد على تحقيق الأهداف: الشخص النرجسي يميل إلى أن يكون متطلبًا ومتطلعًا للحصول على ما يريده، سواء كان ذلك من حيث الاحتياجات الشخصية أو الإنجازات المهنية أو الاعتراف والتقدير، فالشخص النرجسي يشعر بالحق المطلق في أن يحصل على كل ما يريد، وقد يكون متطلبًا بشكل مبالغ ويتوقع الاستجابة لرغباته واحتياجاته دون أخذ أي اعتبار لرغبات الآخرين، إذ يعتقد أنه يستحق الأفضل ويتوقع من الآخرين تلبية مطالبه ورغباته دون تردد.
• صعوبة التعاطف مع الآخرين: هي سمة أخرى للشخصية النرجسية، وتعني عدم قدرة الشخصية النرجسية على فهم أو التجاوب مع مشاعر واحتياجات الآخرين بشكل عميق، فقد تتجاهل أو تتجاوز الشخصية النرجسية مشاعر الآخرين تمامًا وتعتبرها غير مهمة أو ضعيفة، إذ أن الشخصية النرجسية تعاني من الانشغال الشديد بالنفس والاحتياجات الشخصية، ما يجعلها غير قادرة على فهم مواقف الآخرين والشعور بمشاعرهم وعواطفهم، هذا يؤثر سلبًا على الأشخاص الذين هم على تماس مباشر مع الشخص النرجسي.
• عدم الشعور بالامتنان: إن الشعور بالامتنان والتقدير على النعم أو الفرص أو لما يتم تقديمه من قبل الآخرين، سواء كانت هدايا مادية أو دعمًا عاطفيًا هو حالة صحية للأشخاص، إذ يمكن أن يساهم ذلك في تطوير مشاعر إيجابية، ويمكن أن يؤدي إلى الألفة والمحبة بين الأفراد، ولكن بالنسبة للشخص النرجسي فإن عدم الشعور بالامتنان تجاه الآخرين وتجاه الأحداث هو أحد السمات السلبية لديه، فقد يعتقد أنه يستحق كل شيء، وبالتالي، يصعب عليه أن يرى الأمور التي يتلقاها (سواء كانت دعمًا عاطفيًا، أو هدايا، أو أي نوع من المساعدة) كمظهر من مظاهر اللطف أو الكرم من الآخرين، وبدلاً من ذلك، قد يعتبرها حقًا مستحقًا له مما يجعلهم يتفاعلون بشكل سيئ مع الأحداث والأشخاص من حولهم. 

عندما تستكشف سمات الشخصية النرجسية وتحاول تحديد ما إذا كنت تمتلكها، يجب أن تتذكر أن النرجسية ليست حالة لا يمكن علاجها، فهي طيف واسع من الصفات والسلوكيات التي يمكن أن توجد بدرجات مختلفة عند الأشخاص، وإذا كنت تجد أن بعض سمات النرجسية تتطابق مع سلوكك وأفكارك، فقد يكون من المفيد الاعتراف بالسمات النرجسية، فهي الخطوة الأولى لتحقيق التوازن في شخصيتك.

 عندما تشعر بأنك تعاني من النرجسية يُنصح بالتحدث إلى مستشار أو معالج نفسي، ويمكنك ذلك من خلال تحميل تطبيق لبيه، والذي سيساعدك على تطوير التواضع والتعاطف وقبول أفكار وآراء الآخرين، فتتمكن من تحقيق التوازن والتواصل الصحي وتطوير علاقات صحية ومستدامة.

المراجع

1- Luo YL, et al. A behavioral genetic study of intrapersonal and interpersonal dimensions of narcissism. PLoS One. 2014 Apr 2;9(4):e93403. doi: 10.1371/journal.pone.0093403.

2- McLean J. Psychotherapy with a narcissistic patient using Kohut’s self-psychology model. Psychiatry. 2007;4(10):40-47.

3- Vater A, et al. Does a narcissism epidemic exist in modern western societies? Comparing narcissism and self-esteem in East and West Germany. PLoS One. 2018 Jan 24;13(1):e0188287. doi: 10.1371/journal.pone.0188287. Erratum in: PLoS One. 2018 May 29;13(5):e0198386.