إن للحالة النفسية المتوازنة والمثالية تأثير إيجابي على كافة تفاصيل حياتك، فهي تساعدك على الاستمتاع باللحظات السعيدة، وتحقيق المزيد من النجاح والإنجاز والشعور بشكل أفضل تجاه نفسك وتجاه الوسط المحيط بك، كما أنها ضرورية للحفاظ على صحتك الجسدية ووقايتك من الأمراض، بالإضافة إلى ذلك تؤثر صحتك النفسية بشكل كبير على علاقتك مع عائلتك، فالمشاعر والأفكار التي لديك تنتقل لأفراد أسرتك وتؤثر على طريقة تعاملك معهم.

 سنتعرف معًا في هذا المقال على كيفية تأثير صحتك النفسية على صحة عائلتك، مع مجموعة من أهم النصائح لتعزيز صحتك النفسية.

ما أهم الجوانب التي تشملها الصحة النفسية؟

تعرّف منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية على أنها: حالة من الرفاهية يدرك فيها كل فرد إمكانياته، بحيث تمكنه من التعامل مع ضغوط الحياة اليومية، والعمل بشكل منتج ومثمر، كما تساعده على تقديم المساعدة للبيئة المحيطة به، وفي الحقيقة يشمل مفهوم الصحة النفسية كل ما يتعلق بما تشعر به أو تفكر فيه، بالإضافة إلى السلوكيات المرتبطة بهذه المشاعر والأفكار.

خلال السنوات الأخيرة، ازداد الاهتمام بنشر المعرفة والوعي بأهمية الصحة النفسية، وضرورة الحفاظ عليها وتعزيزها، وأهمية التعرف على علامات الاضطرابات النفسية الشائعة بهدف تشخيصها بشكل مبكر وتقديم العلاج المناسب لها، وعلى عكس الاعتقاد الشائع بأن الاضطرابات النفسية نادرة ولا تؤثر إلا على عدد قليل من الأشخاص، يؤكد خبراء الصحة النفسية بأن هذه الاضطرابات شائعة للغاية وتؤثر على نوعية حياة الكثير من الأشخاص حول العالم.

ما هي العلامات التي تشير إلى أن صحتك النفسية ليست بخير؟

قد تظن أن اضطرابات الصحة النفسية سهلة التشخيص لأنها تعطي أعراضًا واضحة وتؤثر بشكل كبير على حياة الشخص، لكن في الواقع تبقى معظم هذه الاضطرابات غير مشخصة، والسبب الأهم في ذلك هو عدم تعرف الأشخاص المصابين بها والوسط المحيط بهم على أعراض وعلامات الاضطرابات النفسية، ولعل من أهم هذه العلامات:

• تبدل عادات الأكل سواء كان زيادة في تناول الطعام أو فقدان للشهية.
• انخفاض ملحوظ في مستويات الطاقة.
• الميل للانعزال والابتعاد عن الأشخاص الآخرين.
• الشعور المستمر باليأس.
• معاناة من القلق والغضب والارتباك بشكل متكرر.
• التقلبات المزاجية الحادة.
• التفكير في إيذاء النفس أو إلحاق الأذى بالآخرين.
• عدم القدرة على أداء المهام اليومية بسهولة.

إن وجود إحدى هذه العلامات أو بعضها، هو دليل على أن صحتك النفسية ليست بخير وأن عليك أن تعمل على تعزيزها.

كيف تؤثر مشاكلك النفسية على أفراد عائلتك؟

عندما تعاني أنت أو أحد أفراد عائلتك من اضطراب نفسي ما، فهذا الاضطراب يمكن أن يؤثر على كل أفراد العائلة، وذلك لأن الاضطرابات النفسية عادةً ما تترافق مع تغيرات كبيرة في روتين الأسرة وأنشطتها وحتى إنفاقها، ويختلف تفاعل أفراد الأسرة مع هذه التغيرات، فبعضهم يميل للوقوف بجانبك ودعمك لاستعادة توازنك النفسي، وبعضهم الآخر قد يقوم بلومك وتحميلك مسؤولية هذه التغيرات.

الأطفال هم أكثر أفراد العائلة تأثرًا بالاضطرابات النفسية، وذلك لأن حالتك النفسية السيئة تؤثر على قدرتك على القيام بواجباتك كوالد، فالقيام بجولة بعد المدرسة أو اصطحاب الأطفال إلى الحديقة يصبح أمرًا صعبًا.

يمكن أن نقول باختصار إن عملية التربية تتحول إلى تجربة قاسية ومستنزفة، والسبب الآخر لتأثر الأطفال بشكل كبير بالمشكلات النفسية للآباء هو أنهم في طبيعتهم يعتمدون في سلوكهم على تقليد سلوكيات الأشخاص الذين يعتنون بهم، ويؤكد خبراء علم النفس أن الأطفال الذين يكبرون مع وجود اضطراب نفسي لدى الأهل يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاضــطرابات النـفسيــة بعد البلوغ.

 أظهرت a study (Stallard.2004) ارتفاع مستويات القلق لدى الأطفال الذين عانى أحد والديهم من اضطراب نفسي، وهذا يعني أن الخطوة الأولى في الحفاظ على الصحة النفسية لأطفالك وحمايتهم من خطر الاضطرابات النفسية هي الاهتمام بصحتك النفسية.

تتأثر علاقتك بأطفالك أيضًا بصحتك النفسية، كما أن علاقتك مع والديك تتأثر بشكل كبير بالمشاكل النفسية التي تمر فيها وخاصة إذا كنت من تقدم الرعاية لهم، بالإضافة لذلك، أظهرت a study (Mojtabai. 2017) أن الاضطرابات النفسية تؤثر بشكل كبير على علاقات الزواج، وقد تكون سببًا مباشرًا للانفصال؛ وذلك بسبب عدم قدرة الشريك على تحمل المتطلبات العاطفية والمادية والاجتماعية الكثيرة لشريكه الذي يعاني من اضطراب نفسي.

كيف تؤثر الصحة النفسية الجيدة على صحة العائلة؟

من المؤكد أن الاهتمام بصحتك النفسية وتعزيزها ينعكس بشكل إيجابي على نوعية حياتك وصحتك الجسدية ومشاعرك وطريقة تفكيرك، وهذا ما يساعدك على تحقيق المزيد من الإنجازات والنجاح، بالإضافة إلى تأثيره بشكل إيجابي على عائلتك وذلك من خلال:

• تربية أطفال أصحاء بدنيًا وذهنيًا.
• مساعدتك في الحفاظ على علاقة جيدة مع أطفالك.
• تعزيز علاقتك مع شريكك.
• حل المشكلات المختلفة التي من الممكن أن تواجه العائلة.
• مساعدتك على تقديم الدعم النفسي لأحد أفراد عائلتك.

ما هي أهم الاستراتيجيات التي يمكنك القيام بها لتعزيز صحتك النفسية؟

هنالك مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات التي تساعد على تعزيز الصحة النفسية لك ولأفراد عائلتك، ومن أهم هذه الاستراتيجيات:

تقدير نفسك واحترم أفراد أسرتك

عامل نفسك وأفراد أسرتك بلطف واحترام وتجنب انتقادهم أو انتقاد الذات، أخبرهم دومًا بأنك سعيد بوجودهم وأن العالم مكان موحش من دونهم، وتعلّم كيفية القيام بالقليل من الإطراء بين الوقت والآخر كأن تخبر ابنتك أن تسريحة شعرها جميلة أو أن القهوة التي تعدها زوجتك هي القهوة الأفضل في العالم، هذه الكلمات البسيطة تعزز ثقتهم بأنفسهم.

القيام بأنشطة مشتركة مع أفراد عائلتك

تشغلنا ظروف الحياة والعمل الطويل عن البقاء بجانب عائلتنا، وهذا ما يؤثر بشكل كبير على علاقتنا بهم، يمكنك تعويض ذلك من خلال إمضاء المزيد من الوقت معهم كالذهاب في نزهة في عطلة نهاية الأسبوع أو حضور حفل موسيقي أو حتى ممارسة بعض التمارين الرياضية معًا، تساعد هذه النشاطات المشتركة على تعزيز العلاقات الأسرية وتخفيف التوتر والقلق.

تعلم كيفية التعامل مع التوتر

التوتر هو جزء من حياتنا اليومية لذلك علينا التوقف عن تجاهله والعمل على تعلم بعض الطرق المناسبة للتعامل معه، يلجأ بعض الأشخاص لممارسة التمارين الرياضية وبعضهم الآخر للتحدث إلى صديق مقرب والبعض الآخر إلى كتابة المذكرات، هذه الاستراتيجيات كلها تساعد على التخلص من التوتر.

الاحتفال بالمناسبات العائلية

احرص على حضور جميع المناسبات العائلية المهمة والاحتفال بها مع أحبتك فهذا سيساعدك بشكل كبير على الاستمتاع مع أفراد عائلتك، ويخبرهم بأن هذه المناسبات مهمة لك، وهذا ما يشعرهم بالسعادة والفرح ويعزز من علاقتك معهم.

لا شك أن الصحة النفسية لأي فرد من أفراد العائلة تنعكس بشكل كبير على صحة بقية الأفراد وعلاقتهم مع بعضهم البعض، اهتم بصحتك وصحة عائلتك ولا تتردد في التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه لمساعدتك على تعزيز صحتك النفسي، وتحسين علاقتك مع عائلتك وبيئتك المحيطة.

الدراسات

1- Paul Stallard, Philip Norman, Sarah Huline-Dickens, Emma Salter and Jan Cribb, The Effects of Parental Mental Illness upon Children: A Descriptive Study of the Views of Parents and Children, Clinical Child Psychology and Psychiatry, January 2004

2- Ramin Mojtabai, Elizabeth A. Stuart, Irving Hwang, William W. Eaton, Nancy Sampson, and Ronald C. Kessler, Long-Term Effects of Mental disorders on Marital Outcomes In the National Comorbidity Survey Ten-Year Follow-up, Department of Mental Health, Johns Hopkins Bloomberg School of Public Health, Baltimore, MD, USA, 2018 Mar.