كيف يؤثر الوسواس القهري على الإنتاجية؟
لا شك أن التحديات اليومية يمكن أن تؤثر على مستوى الإنتاجية والأداء، إذ تعتبر الإنتاجية أحد أهم عوامل النجاح والتميز في الحياة الشخصية والمهنية، إلا أن الوسواس القهري، الذي يعد اضطرابًا نفسيًا شائعًا، يمكن أن يؤثر أيضًا على قدرة الشخص على تحقيق الإنتاجية القصوى، ويمكن أن يكون عامل مؤثر في الإنتاجية. من خلال فهم تأثير الوسواس القهري واعتماد استراتيجيات مناسبة، يمكنك تحسين قدرتك على التركيز والإبداع وتحقيق نتائج أفضل في العمل والحياة.
ما هو الوسواس القهري؟
هو أحد الاضطرابات النفسية، والتي تؤدي إلى سلوكيات قهرية لا إرادية، أي يتميز اضطراب الوسواس القهري (OCD) بنمط من الأفكار والمخاوف غير المرغوب فيها التي تقود إلى القيام بسلوكيات متكررة، تتداخل هذه الوساوس والأفعال القهرية مع الأنشطة اليومية، حيث أن الأشخاص الذين يعانون من الوسواس القهري يعرفون أن أفكارهم وسلوكياتهم ليست منطقية، إلا أنهم غالبًا لا يكونون قادرين على إيقافها، وهذا يزيد من الشعور بالضيق والقلق، ونتيجة لذلك فإن الوسواس القهري يمكن أن يؤدي إلى صعوبة في التحكم بالوقت وقد يؤثر على الإنتاجية.
كيف يمكن أن يؤثر الوسواس القهري؟
يمكن أن يؤثر بشكل جسدي أو عاطفي أو حتى على بناء العلاقات الاجتماعية في الوسط المحيط، إذ يمكن أن يكون للوسواس القهري تأثيرات كبيرة على مجالات متعددة من حياة الشخص، وتشمل التالي:
تأثير بدني
يعاني بعض الأشخاص المصابين بالوسواس القهري من التشنجات اللاإرادية الحركية، كحركات متكررة مفاجئة وقصيرة، مثل: حركات العين (الوميض)، وهز الكتفين، واهتزاز الرأس.
تأثير عاطفي
غالبًا ما يشعر الأشخاص المصابون بالوسواس القهري بالخجل والإحراج، مما قد يجعلهم مترددون في طلب المساعدة، وقد يشعرون أيضًا بالقلق الشديد، من أن يتم إلقاء اللوم عليهم أو تحميلهم المسؤولية إذا حدث شيء سيء؛ لذا لا بد من طلب المساعدة والعلاج، إذ بينت نتائج a study (Petersen K et al., 2015) أن التعرف المبكر والبدء بالعلاجات الخاصة بالوسواس القهري يمكن أن تؤدي إلى تحسين النتائج بشكل كبير.
التأثير على العمل أو الدراسة
يمكن أن يجعل الوسواس القهري من الصعب التركيز على المهام وإكمالها سواء في العمل أو الدراسة، مما قد يؤثر على الأداء ويسبب انخفاض في الإنتاجية.
هل يؤثر الوسواس القهري على الإنتاجية؟
يتسم الوسواس القهري بالتفكير المفرط في الأمور الصغيرة، ما يتسبب في تشتت الانتباه والقلق المستمر والتركيز على التفاصيل، كما يتسبب الوسواس القهري في استنزاف الطاقة العقلية والوقت، ما يؤثر سلبًا على القدرة على التركيز والإبداع.
على سبيل المثال: يفترض الكثير من الأشخاص أنه إذا كنت تعاني من الوسواس القهري، فهذه الصورة النمطية تعني أنه من المتوقع أن تكون جيدًا في إدارة وقتك وإكمال المهام على أكمل وجه، ولكن في الواقع يمكن أن يجعل الوسواس القهري من إدارة الوقت أمرًا صعبًا، مما يؤثر على الإنتاجية والإنجاز.
فقد تجد صعوبة في الالتزام بالمواعيد المحددة أو إنهاء مهامك في الوقت المناسب بسبب الهواجس والأفعال القهرية التي تعترض طريقك، وقد يؤدي ذلك إلى حدوث مشاكل في بيئتك المهنية وفي علاقاتك مع الآخرين.
كيف يمكن أن يؤثر الوسواس القهري على الإنتاجية؟
يختلف الوسواس القهري باختلاف الأشخاص، ففي حين أن بعض الأشخاص لديهم هواجس ودوافع قهرية بشأن النظافة، فإن آخرين لديهم هواجس ودوافع قهرية تتعلق بالعمل وإنجاز المهام، ولكن يمكن أن يؤثر الوسواس القهري على الإنتاجية، حتى لو كانت الوساوس والأفعال القهرية لا ترتبط مباشرة بالعمل؛ إذ تميل الأفعال القهرية إلى استهلاك الكثير من الوقت والطاقة، مما قد يؤثر على الإنتاجية،
على سبيل المثال: قد يكون لدى شخص ما دافع “التحقق”، فهو يشعر بالحاجة إلى التحقق من أن جميع أبوابه مغلقة 10 مرات قبل مغادرة المنزل، ونتيجة لذلك، قد يتأخر عن العمل، وعندما يصل إلى العمل، يشعر بالقلق وعدم القدرة على التركيز والإنجاز.
وكمثال آخر: يتجنب العديد من الأشخاص مسببات الوسواس القهري، فقد تتجنب مهمة ما أو تؤجلها لأطول فترة ممكنة، لأنك تشعر بالقلق الشديد حيالها، فقد يخشى شخص ما يعاني من الوسواس القهري من القيادة ضمن منطقة معينة للوصول إلى مكان العمل، لذا يلجأ إلى تأجيل القيادة حتى اللحظة الأخير مما يؤدي إلى ازدياد مستوى التوتر وقلة في التركيز.
هل يمكن علاج أو تخفيف أعراض الوسواس القهري؟
هناك الكثير من الطرق الفعالة لعلاج الوسواس القهري والتي لها تأثير مباشر لتطوير القدرة على إدارة الوقت وزيادة التركيز وبالتالي تحسين الإنتاجية، ومن هذه الطرق ما يلي:
Psychotherapy
العلاجات النفسية هي علاجات فعّالة للغاية لتقليل تكرار وشدة أعراض الوسواس القهري، إذ يركز العلاج النفسي الفعّال على إحداث تغيرات في السلوك وطريقة التفكير، ومن أبرز طرق العلاج النفسي هي العلاج السلوكي المعرفي، والذي يعد النوع الرئيسي من العلاج المستخدم لعلاج أعراض الوسواس القهري، وقد أكدت a study أن العلاج السلوكي المعرفي (CBT) يعتبر من علاجات الخط الأول الموصى بها، وهو أحد العلاجات النفسية التي أثبتت فعاليتها مقارنةً بطرق العلاج الأخرى كالأدوية.
اتباع العلاج بالأدوية
في بعض الحالات، يمكن أن يوصي الطبيب باستخدام الأدوية للمساعدة في تقليل أعراض الوسواس القهري، ولكن يجب أن يكون تحت إشراف طبي مختص.
إجراء تغييرات في أسلوب الحياة
إن إجراء تغييرات في أسلوب الحياة يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على إدارة وتخفيف أعراض اضطراب الوسواس القهري، فيما يلي بعض النصائح لتغيير أسلوب الحياة:
- الحصول على قسط كاف من النوم.
- تنظيم وتخطيط الوقت بشكل فعال، فقد تساعدك استراتيجيات إدارة الوقت -مثل: تحديد الأولويات واستخدام جداول- في التحكم في الضغط والتوتر.
- ممارسة تمارين التنفس، مثل: أخذ أنفاس بطيئة وعميقة لمدة عشر دقائق لثلاث مرات في اليوم.
- ممارسة الرياضة بانتظام، فقد وجدت a study أجريت عام 2019 على 55 مريضًا يعانون من الوسواس القهري، أن التمارين الهوائية كالركض والمشي أدت إلى تحسن أكبر في الحالة المزاجية الإيجابية، وتقليل القلق والإكراه مقارنة بجلسات التثقيف الصحي الأسبوعية.
- ممارسة الاسترخاء والهوايات، كممارسة نشاط يساعد على الاسترخاء والتخلص من التوتر كالاستماع إلى الموسيقى أو الرسم والقراءة.
يمكن أن يكون الوسواس القهري حالة طويلة الأمد، وقد تتفاقم بمرور الوقت، لذلك من المهم الحصول على علاج متخصص، لذا إذا كنتَ تعاني من اضطراب الوسواس القهري يمكنك تحميل تطبيق لبيه والتواصل مع المختص من خلال حجز استشارة طبية، لتكون قادرًا على تطوير استراتيجيات المساعدة الذاتية، التي يمكنك استخدامها للمساعدة في التحكم بالأعراض والتمتع بصحة نفسية سليمة.
كما عليك تجربة مقياس الوسواس القهري المجاني المتوفر ضمن التطبيق، والذي يتضمن مجموعة من الأسئلة التي تساعدك بشكل مبدأي في تقييم حالتك ومعرفة مستوى الشدة حتى يتمكن المختص من تقديم الخدمة بشكل أفضل.
المراجع
1- Fenske JN, et al. Obsessive-Compulsive Disorder: Diagnosis and Management. Am Fam Physician. 2015 Nov 15;92(10):896-903. PMID: 26554283.
2- Lars-Göran Öst, et al. Cognitive behavioral treatments of obsessive–compulsive disorder. A systematic review and meta-analysis of studies published 1993–2014, Clinical Psychology Review August 2015, doi.org/10.1016/j.cpr.2015.06.003.
3- Abrantes AM, et al. Acute effects of aerobic exercise on negative affect and obsessions and compulsions in individuals with obsessive-compulsive disorder. J Affect Disord. 2019;245:991-997. doi:10.1016/j.jad.2018.11.074.