كيف أواسي نفسي بعد الاستقالة؟
إذا تركت عملك من فترة قريبة، قد تشعر ببعض الضياع والمشاعر السلبية وأنت تحاول أن تتخطى ما حدث، وهو الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر في كل تفاصيل حياتك، لكن يمكنك تحويل هذه التجربة الصعبة إلى خبرة تفيدك في المستقبل، وتساعدك على البحث عن وظيفة جديدة تناسبك. تعرَّف معنا على كيفية تهيئة نفسك بعد الاستقالة، واستعادة ثقتك بقدراتك ونفسك.
هل تؤثر الاستقالة على صحتك النفسية؟
قد تكون الاستقالة من العمل تجربة مؤلمة للإنسان، وتؤثر على كل جوانب حياته، حيث أظهرت a study (Pharr, 2011)، التي شملت ما يقارب 4000 شخص بالغ، أثر الاستقالة والبقاء دون عمل على الصحة النفسية والجسدية، وزيادة ممارسة العادات السيئة التي تضر بالصحة خلال هذه الفترة، لذلك يجب معالجة هذا الموضوع بعناية، والتصرف بشكل لطيف مع الذات، والتفكير بأن الوظيفة لا تحدد قيمة الشخص، حتى يتمكن من المضي قدمًا نحو فرص أفضل في حياته.
تشير a study (Farré, 2018) أيضًا إلى وجود علاقة قوية بين ترك العمل وزيادة حدوث الاضطرابات النفسية عند العاطلين عن العمل، لأنها تؤدي إلى طول مدة البطالة، والشعور بالتوتر واليأس وانعدام القيمة. على الرغم من ذلك يمكنك تعلم الكثير من خلال التفكير بتجاربك السلبية السابقة، وتحديد كل ما تريده وتحتاجه من صاحب العمل، ورسم حدود شخصية، لتجنب حدوث مواقف مماثلة لاحقًا.
كيف تواسي نفسك بعد الاستقالة؟
هناك بعض الخطوات التي يمكنك القيام بها بعد ترك وظيفتك لمساعدتك على التأقلم وتخطي هذه المرحلة، كما يمكنك فهم دورك كموظف أو مدير بشكل أفضل للحفاظ على بيئة عمل مشجعة بالمستقبل، من خلال:
1- مَنحُ نفسك الوقت الكافي للتعافي
يتطلب ترك وظيفة غير مناسبة الكثير من الشجاعة والقوة، لذلك امنح نفسك وقتًا مناسبًا للتعافي من خلال القيام ببعض الأنشطة التي تخفف التوتر وتساعدك على الشعور بالتحسن، يمكنك البحث عن الأنشطة التي تذكرك بقيمتك مثل: الاسترخاء والتأمل، كما تفيد الاستراحة بالمنزل لبضعة أيام، إذا كان العمل السابق مرهقًا جسديًا، واستشارة الطبيب، بحال وجود أعراض أو إصابات سابقة، ويُنصح بممارسة بعض الأنشطة الصحية مثل: ممارسة الرياضة وقضاء الوقت مع أفراد الأسرة؛ للتخلص من الإحباط والمشاعر السلبية.
2- التعرّف على قيمتك الحقيقية
إذا لم تكن تحصل على التقدير في عملك الأخير، فقد لا تتمكن من معرفة قيمتك المهنية والشخصية الكاملة بعد الاستقالة. خذ بعض الوقت لتدوين قائمة بنقاط قوتك وإنجازاتك السابقة، وفكر بالصفات الإيجابية التي ساعدتك على النجاح في العمل والحياة، مع تسجيل قائمة زمنية بإنجازاتك، بدءًا مما حققته في الأشهر الأولى من عملك، وقائمة بالمشاريع التي أنجزتها وأكبر العقبات التي تغلبت عليها.
يمكنك استخدام هذه القائمة لتعديل سيرتك الذاتية، وتعبئة طلبات التقدم على وظيفة جديدة، والتحضير لمقابلات العمل بشكل أفضل، والتفكير بالمكان المناسب للاستفادة من نقاط قوتك في القيام بواجباتك.
3- مراجعة ما تعلمته وصقل مهاراتك
تتيح لك هذه الخطوة اكتساب المعرفة من التجارب السلبية، فكر مرة أخرى في سبب شعورك السيء بالعمل الذي تركته، وما إذا كان هذا الوضع مؤقتًا ونتج عن مشروع أو عقد أو زميل عمل، وكيفية تجنب هذه البيئة السامة في المستقبل، أو طرح أسئلة أفضل بالمقابلة، أو التحدث إلى زميل عمل محتمل قبل القبول بالوظيفة، وحاول أن تفهم سياسة الشركة وطبيعة فريق العمل وثقافتهم. يمكن أن تساعدك ملاحظة هذه الاتجاهات على معرفة ما تبحث عنه في وظيفتك المقبلة.
4- اختيار أصدقائك بعناية
يمكنك التواصل مع زملائك السابقين في العمل، الذين ترغب بالحفاظ على علاقتك معهم عبر البريد الإلكتروني، أو الاتصال بهم خارج أوقات العمل، بناءً على موقف كل منهم. تذكر مَن استمتعت بالعمل معه، ومَن قدم لك نصائح مفيدة، وفكر أيضًا بزملائك الذين شغلوا مناصب وأعجبت بهم، والأشخاص القادرين على منحك رسالة توصية أو شهادة خبرة، حتى لو لم تنته تجربتك السابقة بشكل إيجابي، لكن لا تتردد في التخلي عن أولئك الذين تعاملوا بشكل سلبي معك خلال فترة عملك.
5- البحث عن التوازن في حياتك
قد يعاني الشخص بعد تقديم استقالته من التفكير السلبي بسبب كونه عاطلًا عن العمل، لذا حاول أن توازن بين حياتك وأفكارك، من خلال الاهتمام بممارسة نشاطات صحية، يمكن أن يساعدك ذلك على تعزيز شعورك بالعطاء، وتوجيه طاقتك إلى إنجاز مهام مثل: تعلم مهارات جديدة أو البحث عن وظيفة مناسبة.
6- لا تتوقف عن التعلم
قد يساعدك إتقان مهارات أو قدرات جديدة بعد ترك العمل، في تقوية شعورك بأنك شخص منتج، والاستفادة من هذه الخبرات في مجال عملك، كما يمكن أن يفيد إجراء الدورات التدريبية بزيادة فرص العمل التي لم تكن متاحة سابقًا، وبالتالي يمكن أن تلعب المهارات دورًا مثمرًا في البحث عن وظيفتك التالية، إذا كان ذلك جزءًا من خطتك المهنية.
7- وضع خطة واضحة
إذا كانت الخطوة التالية هي العثور على وظيفة جديدة تناسب تطلعاتك، فيجب إعطاء الأولوية للشركات ذات الثقافات المهنية الصحية، والاستماع إلى موظفيها للحصول على معلومات واضحة، إذ يمكن أن تمنحك قراءة المراجعات عبر الإنترنت للشركات، أو التواصل مع فريق العمل فيها، انطباعًا واقعيًا عن الشركة.
إذا كانت طبيعة العمل لم تعد مقبولة بالنسبة لك، يمكنك البحث عن منصب مختلف في نفس مجال عملك، أو بمجال أخر، أو التفكير بالانتقال لمدينة ثانية، قد تجلب الكثير من التحديات الجديدة.
لن تضمن هذه الاحتياطات أن وظيفتك الجديدة ستكون مثالية، أو تحصل على الترحيب المناسب، لذا ارسم حدودًا شخصية تحدد فيها ما هو مهم بالنسبة لك بمكان العمل، وما تجده غير مقبول، فهذا يساعد على إعطاء الأولوية لصحتك النفسية والجسدية.
8- ممارسة هواياتك المفضلة والأنشطة التي تستمتع بها
من المهم بعد ترك العمل، تخصيص بعض الوقت لممارسة الهوايات المفضلة بشكل منتظم، حيث يكون لديك المزيد من الوقت المتاح للقيام بالأشياء التي تستمتع بها. يمكن أن تساعد هذه النشاطات على تحسين المزاج، والتفكير بشكل إيجابي، وبالتالي الإحساس بالقدرة والموهبة على تطوير مهاراتك الحالية.
9- الحفاظ على موقفك الإيجابي
يمكن أن يصبح البحث عن عمل أمرًا مرهقًا، لذلك يجب أن تحيط نفسك بأشخاص موثوقين لتقديم الدعم والتشجيع، للحفاظ على صحتك العاطفية، والتغلب على صعوبات البحث عن وظيفة جديدة، كما تستطيع الحصول على الدعم بمكان عملك الجديد، من خلال التواصل مع زملاء العمل بشكل ودي، وتكوين صداقات جديدة، مع الاحتفاظ بالمعايير والحدود التي وضعتها لنفسك قبل الحصول على عمل.
10- الاهتمام بنفسك
قد يكون من الصعب أحيانًا فصل هوية الإنسان عن عمله؛ لذلك حاول تعزيز الشعور بتقدير الذات بعد ترك عملك السابق. يمكن أن يساعد الاعتراف بأجزاء شخصيتك التي تقدرها خارج حياتك المهنية على التفكير الإيجابي، والاستمتاع برحلة البحث عن وظيفة جديدة، ومشاركة أفكارك حول أكثر الصفات الإيجابية التي تمتلكها، أو مناقشة نقاط قوتك وضعفك مع صديق أو معالج نفسي تثق به.
يعاني الكثير من الناس بعد تقديم استقالتهم، من الاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسية الأخرى، ما قد يؤثر على صحتهم وحياتهم الخاصة. إذا كنت تشعر أنك عاجز عن تجاوز هذه المرحلة الصعبة لوحدك، يمكنك التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه لمساعدتك على تحقيق بداية جديدة.
الدراسات
1. Jennifer R. Pharr, Sheniz Moonie, Timothy J. Bungum, “The Impact of Unemployment on Mental and Physical Health, Access to Health Care and Health Risk Behaviors”, International Scholarly Research Notices, vol. 2012, Article ID 483432, 7 pages, 2012. https://doi.org/10.5402/2012/483432.
2. Farré, L., Fasani, F. & Mueller, H. “Feeling useless: the effect of unemployment on mental health in the Great Recession.” IZA J Labor Econ 7, 8 (2018). https://doi.org/10.1186/s40172-018-0068-5.