الابتزاز العاطفي
روح بس ماني راضية عليك!
عشانك ما سمعت كلامي تستاهل!
تراني ما احبك لو سويت كذا!
ترى لو طلعتي مالك رجعة بالبيت!
والله ما أخذ أدويتي لو ما جبتلي اللي ابيه!
وغيرها من العبارات المتكررة التي يرددها الكثير من الآباء والأمهات تجاه بعضهم أو تجاه ابنائهم و التي دائمًا ما تترك أثر وجرح عميق.
الابتزاز العاطفي:
يُعرّف الابتزاز العاطفي بأنه شكل من أشكال العنف العاطفي يسعى فيه الطرف الآخر للتحكم في سلوك الطرف الآخر أو إقناعه برؤية الأشياء بطريقته سواء بالتهديد أو استخدام العبارات العاطفية.
تعتبر المعالِجة النفسية والمؤلفة الدكتورة “سوزان فوروارد” لكتاب الابتزاز العاطفي رائدة في هذا المجال. تلخص الكاتبة التكنيك المستخدم للمبتزين وهو إشعار الطرف الآخر بأنه سيء وغير مرضي وذلك ما يُشعِر الطرف الآخر بأنه مذنب. مثالا على ذلك كما ذكرت الكاتبة: “إذا كنت تحبني فعلًا، وتُقدّر كل ما فعلته لأجلك.. فلماذا تتصرف بهذه الأنانية؟!” وبشكل عام فإن الابتزاز العاطفي يختلف اختلافًا كاملًا عن بقية أنواع الابتزاز؛ فالمبتز بشكلٍ عام قد يستخدم بعض المعلومات الشخصية والصور وغيرها لطلب المال أو تشويه سمعة شخص ما. ولكن المبتز العاطفي يدرك مدى تقدير الطرف الآخر للعلاقة ونقاط الضعف وأعمق الأسرار ومدى الاحتياج للحب ويتم استخدامها بطريقة ابتزازية و تهديدية في حال لم يحصلوا على ما يريدون.
أنواع الابتزاز العاطفي:
ذكرت الكاتبة فوروارد عدة أنواع من الابتزاز العاطفي ولعل أبرزها:
- الابتزاز باستخدام العقاب: وهو إخبار المبتز بما يريده وفي حال عدم الاستجابة له سيتم إلحاق العقوبات المترتبة. مثالًا على ذلك “لو خرجتي من البيت مالك رجعة” “روح مع أصحابك بس ماني راضية عليك”
- الابتزاز باستخدام عقاب الذات: هنا يقوم المبتز باستخدام تهديدات ضد ذاته وشخصه إن لم يستجب له الطرف الآخر. مثال: “والله ما راح آكل ولا أشرب لو ما طلعتني الحين”.
- الابتزاز العاطفي ضد الأبناء: ولعل أكثر ضحايا الابتزاز العاطفي في مجتمعاتنا العربية هم الأبناء. قد يرى كثير من الآباء والأمهات أنهم حريصون على مصلحة أبنائهم وأدرى بما يُحقق فائدتهم، فتجد كثيرًا منهم يقومون بفرض سيطرتهم على أبنائهم حتى بعد بلوغهم باختيار التخصص الدراسي ، و إجبار الرجل على اختيار القريبة كزوجة والعكس صحيح. وفي حال عدم الطاعة ، قد يُمارس هذا الابتزاز بعدم الرضا وعدم القبول وتذكير الأبناء أن ما يفعلونه هو معصية الله. وهذا ما قد يسبب لهم الكثير من المشكلات سواء النفسية أو الاجتماعية وكذلك ممارسة هذا الابتزاز العاطفي لأبنائهم بالمستقبل.
كيفية التعامل مع المبتز عاطفيًا؟
ضد الزوج/ة:
أولًا: يجب التعرف على الابتزاز العاطفي و التفرقة بينه وبين الرغبة في تلبية احتياجات الطرف الآخر. يُصبح الأمر ابتزازًا عاطفيًا فقط عندما ينطوي على ضغط وتهديد ومحاولات للسيطرة.
ثانيًا: المواجهة وعدم الاستسلام للمبتز. عندما تشعر بالخوف أو الضغط قد تستسلم مباشرة ولكن تذكر أن المبتز سوف يستغل هذا الأمر حتى يحصل على ما يريده ويكرر العمليه كل ما أراد الوصول والحصول على شيء. تعد المواجهة الخطوة الأكثر فعالية وتسمح بوضع حدود بينك وبين المبتز.
ثالثًا: تعامل مع المشكلات والضغوطات مع الطرف الآخر بواقعية وتوضيح الخلافات ومحاولة إيجاد حلول وسطية.
ضد الأبناء:
إن تحديد المشكلة مع الأبناء ومحاولة حلها يُعد من الأساليب الناجحة لكسر الابتزاز العاطفي. من المهم مناقشة الأمور معهم وتقديم خيارات لهم والاستماع إلى ما يقولونه. يجب علينا كآباء وأمهات أن نسأل أنفسنا عندما نريدهم أن يفعلوا شيئًا إذا كان ذلك بسبب احتياجاتهم أو بسبب احتياجاتنا. إذا كان ذلك بسبب احتياجاتنا، فعلينا تقديم البدائل وقبل كل شيء يجب إعطاء تفسيرات لماذا نريدهم أن يتصرفوا أو لا يتصرفوا بطريقة معينة. كل ذلك سوف يساعد على زيادة الثقة والرضا بالقرارات التي يتم اتخاذها.
إن الابتزاز العاطفي يعد شكلًا من أشكال الاستغلال النفسي وغالبًا ما تكون عملية الابتزاز بين شخصين تجمع بينهما علاقة قوية، كعلاقة الأم بابنها أو الزوج بزوجته. قد يبدو الاستسلام أفضل طريقة للحفاظ على السلام ، لكن الامتثال غالبًا ما يؤدي إلى مزيد من التلاعب وإلى مزيد من المشاكل النفسية كالقلق واضطراب التأقلم والاكتئاب ونقص الذات وقلة الثقة. بمجرد التعرف على علامات الابتزاز العاطفي كاللوم المتكرر والتهديدات العاطفية، يمكنك وضع حدود مع الطرف الآخر ومواجهته ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة.